9 أخطاء يجب على المدرس أن يتجنبها .
ان الكتب التي تشير إلى نفس هذا النهج الايجابي لوضع القواعد غالبا ما تأخذ نهجا مماثلا للقواعد التي يجب على المعلمين الجدد الالتزام بها . وكما أنه من الخطاء أن تكون دقيقا جدا عند توجيه الأطفال فأنة من الخطاء أيضا أن تكون دقيقا جدا عند توجيه المعلمين الجدد. و هذا الأمر صحيح خاصة عندما يتم تدريب المعلمين من خلال برنامج بديل مكثف و معتمد.
و بما أنني أحد خريجي الدفعة الثانية لمعهد أمريكا في صيف 1991 فأنه قد تم تلقيني أساسيات التدريس بهذه الطريقة الغامضة . وكمعلم جديد عانيت في أدائي داخل الفصل الدراسي جزئيا بسبب افتقاري للوضوح. قيل لي بأن هنالك العديد من الطرق الصحيحة لعمل الأشياء و بالرغم من أن هذا صحيح، فأن هناك أيضا العديد من الطرق الخاطئة لعمل الأشياء. فالمعلمين الجدد الذين يكافحون من أجل أن يعرفوا الطرق الصحيحة من الخاطئة سيكون من المفيد لهم لو أنهم زودوا بقائمة واضحة بالسلوكيات التي يجب تفاديها بفعالية.
فكل الأخطاء التي أصفها هنا قد ارتكبتها في أول سنة لي كمعلم فلم يحذرني أحد بعدم فعل هذه الأمور بل تعلمتها ذاتياً من خلال التجربة والخطأ. للأسف ففي الوقت الذي أدركت فيه أنني ارتكبت هذه الأخطاء الفادحة كنت قد فقدت احترام تلاميذي و كان الوقت قد فات لإقناعهم بأنني أعرف ما كنت أفعله.
و كما قال شورلوك هولمز ( أزل جميع العوامل الأخرى و الوحيد الذي يبقى لا بد أن يكون هو الحقيقة ) يمكننا أن نطبق هذا المبدأ في التدريس فإن تعلم الأخطاء القليلة التي يجب عليك تجنبها أكثر كفاءة من تعلم جميع الأشياء التي يجب عليك فعلها. وعندما أقارن عامي الأول المتعثر مع عامي الثاني الناجح في التدريس، أرى أن الفارق الرئيسي ليس حجم ما فعلته بل في ما لم افعله.
و هذه قائمة بعشر أخطاء يرتكبها المعلم المبتدئ لطالما كنت أتمنى أن أجتنبها:
1. لا تحاول تعليم الطلاب أكثر من اللازم في يوم واحد:
فهذا خطاء سهل الارتكاب لأنة يتداخل مع قاعدة أخرى للمعلمين المبتدئين وهي ( أجعل توقعاتك عالية ) بالطبع على المعلمين أن يتوقعوا من طلابهم أن يبذلوا قصارى جهدهم. ولكن الوعظ المفرط بهذه العبارة ( أجعل توقعاتك عالية ) يحتاج إلى توضيح أكثر. فلو كانت بهذه البساطة لكان كل معلم معلما ناجحا بشكل كبير.
فالمعلمين الجدد خصوصا أولئك الذين ليس لديهم أعداد كبيرة من الطلاب يطبقون هذه النصيحة بحذافيرها و يصممون دروساً صعبة و طويلة جداً أو غير ملائمة تربوياً. وحتى ان كنت معلماً مخضرماً ما زلت أحاول أن أفعل الكثير في يوم واحد وهذا نابع من رغبتي بأن لا يتململ الطالب بسبب قلة الأنشطة.
لكن مخاطر هذه الطريقة مرتفعة جداً فالأفضل أن يقسم المعلم الدرس المصمم المعد للشرح في يوم واحد إلى قسمين بحيث يعرضه في يومين . فلو اتعجلت في تقديمك للدرس دفعة واحدة, ربما لن يتلقاه الطلاب بالشكل المطلوب، مما يترتب عليه تضييع اليوم التالي في اعادة الشرح مرة أخرى.
2. لا تعلم درسا بدون أنشطة للطلاب:
أحد المشاكل التي يوجهها المعلمين الجدد هي أنهم يظنون أن عليهم التخطيط لكل درس بترتيب زمني معين. و لا يضعون خطة للتمارين الافتتاحية ثم التوجيهات المباشرة و اسئلة المناقشة الصفية و أخيراً الأنشطة. المشكلة أنهم يصرفون الكثير من الوقت في التفكير، في الأشياء المهمة التي سيقدمونها مباشرة للطلاب، و التي تستنفذ جل خطتهم الزمنية، متجاهلين إنشاء أهم المكونات التي تتطلب وقتا أكثر. فأنا أنصح المعلمين الجدد بأن يخططوا للأنشطة أولا حتى ولو كانت آخر جزء يُقدم في الدرس. فيمكننا أن نطيل التعليم المباشر و المناقشة إذا لزم الأمر لكن ذلك لا ينطبق على النشاط التعليمي المدروس. فعندما لا يكون للدرس نشاط مصاحب له فأن الطلاب يفقدون اهتمامهم به. وأكتشفت أنني أكثر حماساً و فاعلية مع التعليمات المباشرة عندما يكون هناك أنشطة كثيرة تلي تلك التعليمات.
3. لا تسمح للطلاب بأن يصرخوا بالأجوبة:
شاهد أي فيلم معاصر عن المعلمة التحويلية وستلاحظ المناقشات الحية التي تجري في فصلها الدراسي. حيث ستقوم المعلمة بطرح سؤال ويقوم أحد الطلاب بالرد بشكل جيد و من ثم ينضم إلى المناقشة طالب آخر و آخر و هكذا . يمكن لهذه السيناريوهات أن تجعل المعلم المبتدئ يشعر بأن الطلاب في الفصول الدراسية التي تتمتع بإدارة جيدة لا يحتاجون لأن يرفعوا أيديهم ليبدوا تعليقاتهم. لكن على المعلم المبتدئ أن يعرف أن الأمر يتطلب معلم ذو بطولة خيالية حتى يتمكن من التخلص من الصراخ بالأجوبة. الطلاب الآخرين في الفصل عادة ما يبقون خارج جو المناقشة إذا شعروا بأنه ليس هنالك فرصة بأن ينادي عليهم المعلم و هكذا فأن ما يظهر وكأنة فصل يعج بالمناقشة ليس سوى بضعة طلاب يتحدثون بينما الباقين يتظاهرون بالاستماع. بدلاً من ذلك على المعلم الخبير أن يطرح أسئلة مدروسة و ينتظر ارتفاع العديد من الأيدي و من ثم ينادي على أحد المتطوعين أو حتى غير المتطوعين.
4. لا تجعل الاختبارات صعبة للغاية:
بالرغم من أن المعلمين يستخدمون الاختبارات لقياس مستوى جودة تعلم الطلبة.فأن الطلاب أيضا يستخدمون الاختبارات لقياس جودة تدريس المعلم.فلو أنك وضعت اختبارا صعباً جداً سواء كنت متعمداً أو غير متعمد فلا شيء مما سبق سيتم قياسه بدقة. ربما تدرك أن الطلاب قد قدموا أداء مخيب للآمال في اختباراتك الصعبة، لكن الطلاب قد يفترضون بأنك لا تقدم دروسك بشكل جيد و هذا سيجعلهم أقل حماساً لك.
عندما أنتهي من صنع اختبار ما، أقوم بحذف 25 بالمئة منه حتى أجعله أكثر قابلية لدى الطلاب أحد الطرق لعمل ذلك هو تعيين مستوى الأولوية لكل سؤال حيث يكون 1 هو مستوى الأولوية المرتفعة و 3 هو مستوى الأولوية المنخفضة. ومن ثم يمكنك الابقاء على المستويات المرتفعة و حذف المستويات المنخفضة. فالطلاب لا يشعرون بالإهانة من الاختبارات السهلة بل تمنحهم الثقة في النفس.
5. لا تكن غامضا أو مترددا:
بالرغم من أنه بالإمكان إعادة صياغة هذه العبارة إيجابيا ( كن حاسماً واضحاً ) لكنني صغتها بهذه الطريقة للتأكيد على أن المعلمين يجب عليهم تجنب السلوكيات الغامضة. فعندما يسأل أحد الطلاب سؤالاً مثل ( هل يمكنني استخدام القلم الأحمر في الاختبار ؟) لديك ثلاث دقائق للتوقف و فهم السؤال و الاجابة بنعم أو لا فليس هناك اجابة خاطئة بل طريقة خاطئة لقول ذلك.فإذا استنتجت أنك اتخذت قرارا خاطئا فأنه بإمكانك عكسه في اليوم التالي و يجب أن يكون العكس حاسماً كنت أظن ذلك و الآن أعتقد هذا. دعونا نمضي قدما).
6. لا تخبر الطالب بأنك تتصل ببيته:
عندما تقرر في عقلك بأنك اكتفيت من تصرفات أحد الطلاب أحتفظ بهذه المعلومة لنفسك. فأن الاتصال بالمنزل أحد أفضل الأشياء التي تستطيع فيها التجاوب مع سوء سلوك الطلاب لكن يجب أن تكون مفاجئة دوماً. فعندما تهدد طالباً بأنك ستتصل بالمنزل فأن الطالب عادة ما يزيد من تصرفاته السيئة لأنه يريد أن يجعل زملاءه في الصف يظنون أنه لا يهتم ولا يخاف حتى وإن كان مهتما في الحقيقة. و إذا حذرت الطالب المشاغب فأنك تعطيه الفرصه لاعتراض اتصالك , أو تحذير والديه , أو تشويه الحقائق. في النهاية، إذا لم تستطع الاتصال بوالدي الطالب لأي سبب كان ستبدو كمن لا يستطيع أن ينفذ تهديده، لذا لا تخبره بذلك.
7. لا تحاول أن تكون أحد الأصدقاء:
خطأ آخر نتعلمه من الأفلام الملهمة، إذا أردت أن تفهم الطلاب فيجب عليك أن تكون صديقاً لهم . بالرغم من أن جميع برامج تدريب المعلمين تحذر من المشاكل التي تنشأ من محاولة إنشاء علاقة صداقة مع الطلاب إلا أنها تضل خطأ شائع بين المعلمين الجدد.
يلتزم المعلمون الجدد بالحظر الوارد في هذه المسألة في بداية العام الدراسي لكنهم سرعان ما يتخلون عنه عندما تسير الأمور بشكل جيد. أقترح عليك بأن تضع علامة على أحد الأيام في التقويم بشكل عشوائي في شهر فبراير ليكون أول يوم تعبر فيه خط الصداقة في زيارة قصيرة قبل أن تعود مرة أخرى.
8. لا تجعل لباسك عاديا جدا:
عادة ما يعمد المعلمون الجدد إلى ارتداء ملابسهم بشكل لا يظهرهم بصورة المعلم النمطية اعتقاداً منهم بأن بعض الطلاب سيواجهون صعوبة في تقبل المظهر التقليدي للمعلم . المعلم الجديد الذي يلبس الملابس غير الرسمية العادية خارج المدرسة يعتقد بصدق أنه (إذا لم أكن على سجيتي فإن هؤلاء الطلاب سيفطنون لذلك في الحال). أما أنا فأختلف معهم فإنك لو ظهرت بمظهر المعلم فإن الطلاب سيعاملونك كمعلم فعدم ظهورك أمامهم بمظهر المحترف يشكل طريقة خطرة للغاية.
9. لا تكثر من الثرثرة:
عادة ما يكون المعلمين الجدد متوترون و الناس المتوترون عادة ما يثرثرون فكلما زادت الكلمات التي تقولها كلما قلت قيمتها.لقد سمعت أن المعلمين ينطقون ما يقرب من 10000 كلمة قبل أن يتوقف الطلاب عن سماعهم.و المعلمون الجدد يستنفذون كلاماتهم في الاسبوع الأول من الدراسة. لذلك يجب عليك اختيار كلماتك بعناية.
أخطاء أقل = تعلم أكثر
إن ضرورة تجنب الأخطاء في مهنة التدريس أقوى منها في المهن الأخرى . فهي المهنة الوحيدة التي يصعب عليك فيها تجنب الخطأ كأنك تمشي على حبل مشدود وذلك لأننا نتعامل مع طلاب سيحتفظون بانطباعاتهم الأولى عنا . فالمعلم ليس كالنادل في المطعم يمكنه البدء من جديد بلائحة جديدة بعد ارتكابه عدد كبير من الأخطاء.
إن ادراكك لهذه الأخطاء العشرة لا يعني أنك لن ترتكبها أبدا فحتى بعد 20 عاما أمضيتها في التدريس ما زلت أكافح يومياً لتجنب هذه الأخطاء الفادحة.
مع كل خطأ تتجنبه، تقترب من تحقيق تجربة تعليمية أفضل لتلاميذك .فنحن كمعلمين يمكننا أن نتعلم من أخطاءنا لكن تلاميذنا ليس بإمكانهم ذلك.
تعليقات
إرسال تعليق